Guurku wuxuu ka mid yahay baahiyaha adduun ee ugu muhiimsan ee aadanaha gaar ahaan gabdhaha oo bulshadu siyaabo kala duwan u eegto. Wacdi, talooyin iyo wacyigalin dhaxalgal ah ayaa qormadaan ku jira ee si dagan rag iyo dumarba haloo dhuuxo, hana loo dhaqangaliyo.
الحمد لله غياث المستغيثين، وأمان الخائفين، ورجاء المحرومين، وسلوى المحزونين، وصلى الله وسلَّم على قائد الغر المحجَّلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تأمَّلْتُ رسالتك، عايشتُها، أدركتُ ما فيها من آلام وآمال، من أحلام وأغلال، من ضيق الحرمان وألمه، وأَلَقِ الإيمان وبَرده، وما بين هذا وذاك من نفث الشيطان ونزغاته، وهُتاف مُنادي الإيمان ودعواته.. فهنيئاً لكِ يا ابنة الكرام الأماجد لباس العِفَّة وجلبابها، وهنيئاً لكِ يا ابنة الأصول حياة الستر ونعيمها، وهنيئاً لك يا فتاة الإسلام أنوار التُقى وأجورها.
من شرف العفة لا كان لي في غيرها قسمٌ ولا رزق، أنك إن رحت لها مؤثراً أحبّك الخالق والخلق..
أختنا المؤمنة:
الجنّة؛ تلكَ الدار التي تنافس فيها المتنافسون، وإليها شمر العاملون، ولها شخص المؤمنون، وإلى عَلَمها شمر السابقون، وعليها تفانى المحبون، وبروح نسيمها ترّوح العابدون، "سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ مَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ فَيُقَالُ لَهُ ادْخُلْ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ فَيُقَالُ لَهُ: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ رَضِيتُ رَبِّ فَيَقُولُ لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ فَقَالَ فِي الْخَامِسَةِ رَضِيتُ رَبِّ فَيَقُولُ هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ فَيَقُولُ رَضِيتُ رَبِّ قَالَ رَبِّ فَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً قَالَ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ قَالَ وَمِصْدَاقُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ "فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ" رواه مسلم، ذنبك أيتها العفيفة أنَّكِ تصنعين مهراً لحياة سعيدة سرمدية، لحياة لا انقطاع لها، لنعيم غَرَسه الله بيديه الكريمتين، فهل تُشَمِّرين لها!؟
أختنا الصابرة، عن عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: "أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى قَالَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي، قَالَ: إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ فَقَالَتْ أَصْبِرُ فَقَالَتْ إِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ فَدَعَا لَهَا" رواه البخاري، قال ابن حجر رحمه الله في الفتح تعليقاً على هذا الحديث: "الصَّبْر عَلَى بَلَايَا الدُّنْيَا يُورِث الْجَنَّة، وَأَنَّ الْأَخْذ بِالشِّدَّةِ أَفْضَل مِنْ الْأَخْذ بِالرُّخْصَةِ لِمَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسه الطَّاقَة وَلَمْ يَضْعُف عَنْ اِلْتِزَام الشِّدَّة"، إنها امرأة تَتَكَشَّف، وخُيِّرت بين العافية، أو البلاء والجنَّة، فاختارت البلاء مع الجنَّة، فإن كان المتعافون يرتعون في نعيم الدنيا، فارعي أنتِ في منازل الأبرار الأخيار السائرون إلى جنَّات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
أختنا المحتسبة:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من يستعفف يعفه الله، ومن يستغنِ يغنه الله، ومن يصبر يصبّرهُ الله، وما أُعطي أحدٌ من عطاءٍ خيرٌ وأوسعُ من الصبر" رواه البخاري ومسلم، أبشري وأمِّلي أختنا المحتسبة، فما دمتِ قد سلكتِ طريق العفَّة فإن الله معين لك، وهاديك، وميسِّر أمرك، بل وجاعل عاقبة أمرك خيراً كبيراً، إن كان في الدنيا فالحمد لله، وإلا ففي الآخرة حيث تتمنين أن البلاء قد صُبَّ عليك صباً لما ترين من الأجور العظيمة يوم القيامة.
أختنا المباركة:
لم لا تنظرين إلى أن هذه نعمة من الله أنعمها عليك، ومزيَّة من الله تفضَّل بها عليك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل ليكون له المنزلة عند الله فما يبلغها بعمل فلا يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها" حسَّنه الألباني رحمه لله، ألا تُحبِّين أن تبلغي المراتب العليا في الجنة بصبر ساعة!! قولي بلى!.
أختنا الراجية فضل الله، أعرض لكِ أمرين:
الأول: (وداعاً يا قيود الأرض).
أنتِ فتاة مؤمنة، طاهرة عفيفة، تخافين الله والدار الآخرة، تُحبين الله تعالى، ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وعباده المؤمنين، قد انتصرتِ بفضل الله على نفسك الأمارة بالسوء، وعلى وساوس الشيطان الرجيم، فسموتِ إلى منازل الأخيار الأطهار، وحفظتِ نفسكِ وإيمانك، لكن! لازال للشيطان فيكِ مطمع، فهو ينتظر منك التفاتة إليه، وإلى حبائله وخطواته، فأنتِ الآن في صراع من أجل البقاء، جاء في صيد الخاطر: (من نازعته نفسه إلى لذة محرمة فشغله نظره إليها عن تأمل عواقبها وعقابها، وسمع هتاف العقل يناديه: ويحك لا تفعل؟ فإنك تقف عن الصعود، وتأخذ في الهبوط ويقال لك ابق بما اخترت، فإن شغله هواه فلم يلتفت إلى ما قيل له، لم يزل في نزول)، اهتفي صادقة "وداعاً يا قيود الأرض"، لتكن همومك وفِكرك في معالي الأمور وعظائمها، انظري إلى السماء، إلى العلياء، إلى الجوزاء، إلى سير الصحابيات، والشامخات العابدات، والمؤمنات القانتات المحتسبات، اقرئي كثيراً في سيرهن، عيشي معهن، فإن العيش في ظلالهن حياة لا موت فيه، وسمو لا حضيض فيه، ونعيم لا شقاء فيه.
الثاني: (أدركُ ما تُعانين، ولكن).
نعم، أدركُ أن الشهوة أمر فطري وغريزي في نفس الإنسان، وأدركُ أننا في زمن كثرت فيه الفتن، وقلَّ المعين، وانتشرت المغريات، وضعُفَ اليقين، ولكن! المسألة إما أن تأخذي نفسَكِ بالعزيمة، أو تخسري دنياكِ وآخرتك والعياذ بالله، وليست العِفَّة ببعيدة المنال إذا استعنا بالواحد القهار.
يقول أبو حامد الغزالي رحمه الله في الإحياء: (الشهوة خلقت لفائدة وهي ضرورية في الجبلة، فلو انقطعت شهوة الطعام لهلك الإنسان، ولو انقطعت شهوة الوقاع لانقطع النسل.. وليس المطلوب إماطة ذلك بالكلية، بل المطلوب ردها إلى الاعتدال الذي هو وسط بين الإفراط والتفريط)، نعم إننا لا نطالبك هنا بالتبتل التام، لكننا نؤكد على بذل الأسباب المعينة على سلوك الطريق المستقيم، وأول هذا الأمر هو العزيمة الصادقة، والإيحاء الإيجابي بالقدرة العالية، يقول أبو العباس السفاح: (إذا عظمت القدرة قلَّت الشهوة)، إذ أن الشهوة كما قيل (جواد جامح يقف رهن إشارتك.. تستطيع أن تقوده فتتنزه به وتستمتع بين الرياض والبساتين.. ويمكن أن يقودك هو فيضلك السبل ويخترق بك الأحراش فلا تجني إلا الوحل)، والخطوات المطلوبة أربع:
1- اجعلي لكِ برنامجاً يشغل أوقاتك فيما يفيد، ويصرف تفكيرك عن نزغات الشيطان وحبائله، فمن لم يشغل نفسه بالطاعة، شغلته بالمعصية، فإن لم تُحلِّقي بها في معالي الأمور، أنحدرتْ بكِ إلى سفاسفها، وإن لم تحمليها في قطار الجد، فسوف تحملكِ هي في قطار الكسل، وليكن من ملامح هذا البرنامج: (أداء الصلوات في أوقاتها، قراءة ورد يومي من القرآن الكريم وتدبره وحفظه، الحرص على أذكار الصباح والمساء وما قبل النوم، المحافظة على صلاة الضحى والوتر، صيام يوم في الأسبوع، أو ثلاثة أيام في الشهر، القراءة في الكتب المفيدة والمجلات النافعة واستخلاص الفوائد منها وتقييدها، صحبة الصالحات العفيفات، زيارة الأقارب الموثوقين، التزام الحجاب وعدم الخضوع بالقول، الصدقة ولو بالقليل مع مساعدة المحتاجين ما أمكن، التعاون مع بعض الجهات الخيرية القريبة من مقر سكناكم، الحذر من القنوات الفضائية أو المجلات السلبية، عدم التسويف في أداء الواجبات، حضور بعض الدورات التدريبية التي تنمي مهاراتك، طاعة الوالدين، المشاركة في تقديم بعض الخدمات في المنزل، الاشتراك في بعض المنتديات النسائية الموثوقة على الإنترنت).
يقول ابن القيم رحمه الله: (جعل الله فينا أمرين: الشهوة والعقل، الشهوة لهذه الحكم، والعقل ليتحكم في الشهوة، ويصرفها فيما أراد الله)، وتذكَّري قول أبي سليمان الداراني رحمه الله: (من أحسن في نهاره كفي في ليله، ومن أحسن في ليله كفي نهاره، ومن صدق في ترك شهوة كفي مؤنتها، وكان الله أكرم من أن يعذب قلباً بشهوة تركت له (حلية الأولياء: 4 / 172).
2- يقول الحكيم الخبير: "وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ" [النور:31]، جاء في مصنف عبد الرزاق: قال عيسى ابن مريم عليه السلام: النظر يزرع في القلب الشهوة، وكفي بها لصاحبه فتنة، ويقول ابن تيمية رحمه الله: والشَّهْوَةُ "تَفْتَحُ بَابَ الشَّرِّ وَالسَّهْوِ وَالْخَوْفِ فَيَبْقَى الْقَلْبُ مَغْمُورًا فِيمَا يَهْوَاهُ وَيَخْشَاهُ غَافِلًا عَنْ اللَّهِ رَائِدًا غَيْرَ اللَّهِ سَاهِيًا عَنْ ذِكْرِهِ قَدْ اشْتَغَلَ بِغَيْرِ اللَّهِ قَدْ انْفَرَطَ أَمْرُهُ قَدْ رَانَ حُبُّ الدُّنْيَا عَلَى قَلْبِهِ"، فالنظرة -أختي الكريمة- رسول الشهوة، وهي أخطر شيء على القلب، بل هي سبب جرح القلب وسقمه، ولن يرتاح قلب امرئ مادام مطلقاً لنظره العنان، ومتى أتبعتْ النظرة بالفكرة، كان ذلك هو الهلاك بعينه.
3- قال يحيى بن معاذ: (من أرضى الجوارح باللذات فقد غرس لنفسه شجر الندامات)، و قال عبد الصمد: (من لم يعلم أن الشهوات فخوخ فهو لعاب)، ولذا ولتنتصري على هذه الشهوة، عليك البعد عن أسباب إثارتها، ومن ذلك:
إذا كنت في المنزل: (لا تسمحي لأي تفكير في أمر جنسي، وإن كان، فلا تقبلي التمادي فيه، واصرفي تفكيرك مباشرة في أمر آخر، أو في شأن من شؤون حياتك، أو في أمور المسلمين، كما ينبغي تجنب احتضان الدمى أو الوسائد، أو جعلها بين فخذيكِ، وكذا تجنبي امتلاء المعدة بالطعام، وخصوصاً الأكلات الدسمة والبحرية والمكسرات، على أن تكون وجبة العشاء خفيفة).
وعند الخروج من المنزل: (تجنَّبي الأماكن المكتظة بروادها، أو النظر المباشر أو غير المباشر إلى الرجال).
وعند النوم: (لا تذهبي إلى النوم إلا عند وجود الحاجة إليه، وأن تكوني على طهارة، وبعد قراءة أدعية النوم وخصوصاً آية الكرسي والمعوذات، ثم تجنبي النوم بصورة منفردة، أو بملابس عارية أو شبه عارية، أو ملابس شفافة أو ناعمة الملمس، كذا تجنبي النوم على البطن، مع ترك الفراش مباشرة عند الاستيقاظ).
4- الزمي الاستغفار، اقتربي من الكريم الغفَّار، فإنه سبحانه بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، وقلوب العباد بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء، قفي على بابه حين ينام الناس، قفي في مصلاك خاشعة منيبة، راغبة راهبة، أهريقي دموعك بين يديه سبحانه، سليه من واسع فضله ورحمته، سليه أن يحصِّن فرجك، ويطهر قلبك، ويقوي إيمانك، ويخسأ شيطانك، ويجعلك من الصالحات العفيفات، ويصرف عنك نزغات الشياطين، سليه وألحِّي عليه بالدعاء، (إن ربكم حيي كريم يستحيي أن يبسط العبد يديه إليه فيردهما صفرا) (صحيح الجامع/ 2070).
وعليكِ بالتقوى "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" [الطلاق: 2]، "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا" [الطلاق:4]، "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا" [الطلاق:5]، فالتقوى خير كلها.
وأخيراً.. لا يغرنَّكِ كثرة الهالكين، ولا قلَّة السالكين، "فلا تغبطن المترفين فإنهم، على قدر ما يعطيهم الدهر يسلب"، كما لا تقنطي من تأخر الزوج، فإنَّكِ لا تدرين أين يكون الخير، وفقك الله لكل خير، وصَرَف عنك كل شر، وأقر عينك بطمأنة نفسك، وبزوج صالح مصلح بار تقي نقي، والله أعلم، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحمد لله غياث المستغيثين، وأمان الخائفين، ورجاء المحرومين، وسلوى المحزونين، وصلى الله وسلَّم على قائد الغر المحجَّلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تأمَّلْتُ رسالتك، عايشتُها، أدركتُ ما فيها من آلام وآمال، من أحلام وأغلال، من ضيق الحرمان وألمه، وأَلَقِ الإيمان وبَرده، وما بين هذا وذاك من نفث الشيطان ونزغاته، وهُتاف مُنادي الإيمان ودعواته.. فهنيئاً لكِ يا ابنة الكرام الأماجد لباس العِفَّة وجلبابها، وهنيئاً لكِ يا ابنة الأصول حياة الستر ونعيمها، وهنيئاً لك يا فتاة الإسلام أنوار التُقى وأجورها.
من شرف العفة لا كان لي في غيرها قسمٌ ولا رزق، أنك إن رحت لها مؤثراً أحبّك الخالق والخلق..
أختنا المؤمنة:
الجنّة؛ تلكَ الدار التي تنافس فيها المتنافسون، وإليها شمر العاملون، ولها شخص المؤمنون، وإلى عَلَمها شمر السابقون، وعليها تفانى المحبون، وبروح نسيمها ترّوح العابدون، "سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ مَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ فَيُقَالُ لَهُ ادْخُلْ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ فَيُقَالُ لَهُ: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ رَضِيتُ رَبِّ فَيَقُولُ لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ فَقَالَ فِي الْخَامِسَةِ رَضِيتُ رَبِّ فَيَقُولُ هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ فَيَقُولُ رَضِيتُ رَبِّ قَالَ رَبِّ فَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً قَالَ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ قَالَ وَمِصْدَاقُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ "فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ" رواه مسلم، ذنبك أيتها العفيفة أنَّكِ تصنعين مهراً لحياة سعيدة سرمدية، لحياة لا انقطاع لها، لنعيم غَرَسه الله بيديه الكريمتين، فهل تُشَمِّرين لها!؟
أختنا الصابرة، عن عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: "أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى قَالَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي، قَالَ: إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ فَقَالَتْ أَصْبِرُ فَقَالَتْ إِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ فَدَعَا لَهَا" رواه البخاري، قال ابن حجر رحمه الله في الفتح تعليقاً على هذا الحديث: "الصَّبْر عَلَى بَلَايَا الدُّنْيَا يُورِث الْجَنَّة، وَأَنَّ الْأَخْذ بِالشِّدَّةِ أَفْضَل مِنْ الْأَخْذ بِالرُّخْصَةِ لِمَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسه الطَّاقَة وَلَمْ يَضْعُف عَنْ اِلْتِزَام الشِّدَّة"، إنها امرأة تَتَكَشَّف، وخُيِّرت بين العافية، أو البلاء والجنَّة، فاختارت البلاء مع الجنَّة، فإن كان المتعافون يرتعون في نعيم الدنيا، فارعي أنتِ في منازل الأبرار الأخيار السائرون إلى جنَّات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
أختنا المحتسبة:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من يستعفف يعفه الله، ومن يستغنِ يغنه الله، ومن يصبر يصبّرهُ الله، وما أُعطي أحدٌ من عطاءٍ خيرٌ وأوسعُ من الصبر" رواه البخاري ومسلم، أبشري وأمِّلي أختنا المحتسبة، فما دمتِ قد سلكتِ طريق العفَّة فإن الله معين لك، وهاديك، وميسِّر أمرك، بل وجاعل عاقبة أمرك خيراً كبيراً، إن كان في الدنيا فالحمد لله، وإلا ففي الآخرة حيث تتمنين أن البلاء قد صُبَّ عليك صباً لما ترين من الأجور العظيمة يوم القيامة.
أختنا المباركة:
لم لا تنظرين إلى أن هذه نعمة من الله أنعمها عليك، ومزيَّة من الله تفضَّل بها عليك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل ليكون له المنزلة عند الله فما يبلغها بعمل فلا يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها" حسَّنه الألباني رحمه لله، ألا تُحبِّين أن تبلغي المراتب العليا في الجنة بصبر ساعة!! قولي بلى!.
أختنا الراجية فضل الله، أعرض لكِ أمرين:
الأول: (وداعاً يا قيود الأرض).
أنتِ فتاة مؤمنة، طاهرة عفيفة، تخافين الله والدار الآخرة، تُحبين الله تعالى، ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وعباده المؤمنين، قد انتصرتِ بفضل الله على نفسك الأمارة بالسوء، وعلى وساوس الشيطان الرجيم، فسموتِ إلى منازل الأخيار الأطهار، وحفظتِ نفسكِ وإيمانك، لكن! لازال للشيطان فيكِ مطمع، فهو ينتظر منك التفاتة إليه، وإلى حبائله وخطواته، فأنتِ الآن في صراع من أجل البقاء، جاء في صيد الخاطر: (من نازعته نفسه إلى لذة محرمة فشغله نظره إليها عن تأمل عواقبها وعقابها، وسمع هتاف العقل يناديه: ويحك لا تفعل؟ فإنك تقف عن الصعود، وتأخذ في الهبوط ويقال لك ابق بما اخترت، فإن شغله هواه فلم يلتفت إلى ما قيل له، لم يزل في نزول)، اهتفي صادقة "وداعاً يا قيود الأرض"، لتكن همومك وفِكرك في معالي الأمور وعظائمها، انظري إلى السماء، إلى العلياء، إلى الجوزاء، إلى سير الصحابيات، والشامخات العابدات، والمؤمنات القانتات المحتسبات، اقرئي كثيراً في سيرهن، عيشي معهن، فإن العيش في ظلالهن حياة لا موت فيه، وسمو لا حضيض فيه، ونعيم لا شقاء فيه.
الثاني: (أدركُ ما تُعانين، ولكن).
نعم، أدركُ أن الشهوة أمر فطري وغريزي في نفس الإنسان، وأدركُ أننا في زمن كثرت فيه الفتن، وقلَّ المعين، وانتشرت المغريات، وضعُفَ اليقين، ولكن! المسألة إما أن تأخذي نفسَكِ بالعزيمة، أو تخسري دنياكِ وآخرتك والعياذ بالله، وليست العِفَّة ببعيدة المنال إذا استعنا بالواحد القهار.
يقول أبو حامد الغزالي رحمه الله في الإحياء: (الشهوة خلقت لفائدة وهي ضرورية في الجبلة، فلو انقطعت شهوة الطعام لهلك الإنسان، ولو انقطعت شهوة الوقاع لانقطع النسل.. وليس المطلوب إماطة ذلك بالكلية، بل المطلوب ردها إلى الاعتدال الذي هو وسط بين الإفراط والتفريط)، نعم إننا لا نطالبك هنا بالتبتل التام، لكننا نؤكد على بذل الأسباب المعينة على سلوك الطريق المستقيم، وأول هذا الأمر هو العزيمة الصادقة، والإيحاء الإيجابي بالقدرة العالية، يقول أبو العباس السفاح: (إذا عظمت القدرة قلَّت الشهوة)، إذ أن الشهوة كما قيل (جواد جامح يقف رهن إشارتك.. تستطيع أن تقوده فتتنزه به وتستمتع بين الرياض والبساتين.. ويمكن أن يقودك هو فيضلك السبل ويخترق بك الأحراش فلا تجني إلا الوحل)، والخطوات المطلوبة أربع:
1- اجعلي لكِ برنامجاً يشغل أوقاتك فيما يفيد، ويصرف تفكيرك عن نزغات الشيطان وحبائله، فمن لم يشغل نفسه بالطاعة، شغلته بالمعصية، فإن لم تُحلِّقي بها في معالي الأمور، أنحدرتْ بكِ إلى سفاسفها، وإن لم تحمليها في قطار الجد، فسوف تحملكِ هي في قطار الكسل، وليكن من ملامح هذا البرنامج: (أداء الصلوات في أوقاتها، قراءة ورد يومي من القرآن الكريم وتدبره وحفظه، الحرص على أذكار الصباح والمساء وما قبل النوم، المحافظة على صلاة الضحى والوتر، صيام يوم في الأسبوع، أو ثلاثة أيام في الشهر، القراءة في الكتب المفيدة والمجلات النافعة واستخلاص الفوائد منها وتقييدها، صحبة الصالحات العفيفات، زيارة الأقارب الموثوقين، التزام الحجاب وعدم الخضوع بالقول، الصدقة ولو بالقليل مع مساعدة المحتاجين ما أمكن، التعاون مع بعض الجهات الخيرية القريبة من مقر سكناكم، الحذر من القنوات الفضائية أو المجلات السلبية، عدم التسويف في أداء الواجبات، حضور بعض الدورات التدريبية التي تنمي مهاراتك، طاعة الوالدين، المشاركة في تقديم بعض الخدمات في المنزل، الاشتراك في بعض المنتديات النسائية الموثوقة على الإنترنت).
يقول ابن القيم رحمه الله: (جعل الله فينا أمرين: الشهوة والعقل، الشهوة لهذه الحكم، والعقل ليتحكم في الشهوة، ويصرفها فيما أراد الله)، وتذكَّري قول أبي سليمان الداراني رحمه الله: (من أحسن في نهاره كفي في ليله، ومن أحسن في ليله كفي نهاره، ومن صدق في ترك شهوة كفي مؤنتها، وكان الله أكرم من أن يعذب قلباً بشهوة تركت له (حلية الأولياء: 4 / 172).
2- يقول الحكيم الخبير: "وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ" [النور:31]، جاء في مصنف عبد الرزاق: قال عيسى ابن مريم عليه السلام: النظر يزرع في القلب الشهوة، وكفي بها لصاحبه فتنة، ويقول ابن تيمية رحمه الله: والشَّهْوَةُ "تَفْتَحُ بَابَ الشَّرِّ وَالسَّهْوِ وَالْخَوْفِ فَيَبْقَى الْقَلْبُ مَغْمُورًا فِيمَا يَهْوَاهُ وَيَخْشَاهُ غَافِلًا عَنْ اللَّهِ رَائِدًا غَيْرَ اللَّهِ سَاهِيًا عَنْ ذِكْرِهِ قَدْ اشْتَغَلَ بِغَيْرِ اللَّهِ قَدْ انْفَرَطَ أَمْرُهُ قَدْ رَانَ حُبُّ الدُّنْيَا عَلَى قَلْبِهِ"، فالنظرة -أختي الكريمة- رسول الشهوة، وهي أخطر شيء على القلب، بل هي سبب جرح القلب وسقمه، ولن يرتاح قلب امرئ مادام مطلقاً لنظره العنان، ومتى أتبعتْ النظرة بالفكرة، كان ذلك هو الهلاك بعينه.
3- قال يحيى بن معاذ: (من أرضى الجوارح باللذات فقد غرس لنفسه شجر الندامات)، و قال عبد الصمد: (من لم يعلم أن الشهوات فخوخ فهو لعاب)، ولذا ولتنتصري على هذه الشهوة، عليك البعد عن أسباب إثارتها، ومن ذلك:
إذا كنت في المنزل: (لا تسمحي لأي تفكير في أمر جنسي، وإن كان، فلا تقبلي التمادي فيه، واصرفي تفكيرك مباشرة في أمر آخر، أو في شأن من شؤون حياتك، أو في أمور المسلمين، كما ينبغي تجنب احتضان الدمى أو الوسائد، أو جعلها بين فخذيكِ، وكذا تجنبي امتلاء المعدة بالطعام، وخصوصاً الأكلات الدسمة والبحرية والمكسرات، على أن تكون وجبة العشاء خفيفة).
وعند الخروج من المنزل: (تجنَّبي الأماكن المكتظة بروادها، أو النظر المباشر أو غير المباشر إلى الرجال).
وعند النوم: (لا تذهبي إلى النوم إلا عند وجود الحاجة إليه، وأن تكوني على طهارة، وبعد قراءة أدعية النوم وخصوصاً آية الكرسي والمعوذات، ثم تجنبي النوم بصورة منفردة، أو بملابس عارية أو شبه عارية، أو ملابس شفافة أو ناعمة الملمس، كذا تجنبي النوم على البطن، مع ترك الفراش مباشرة عند الاستيقاظ).
4- الزمي الاستغفار، اقتربي من الكريم الغفَّار، فإنه سبحانه بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، وقلوب العباد بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء، قفي على بابه حين ينام الناس، قفي في مصلاك خاشعة منيبة، راغبة راهبة، أهريقي دموعك بين يديه سبحانه، سليه من واسع فضله ورحمته، سليه أن يحصِّن فرجك، ويطهر قلبك، ويقوي إيمانك، ويخسأ شيطانك، ويجعلك من الصالحات العفيفات، ويصرف عنك نزغات الشياطين، سليه وألحِّي عليه بالدعاء، (إن ربكم حيي كريم يستحيي أن يبسط العبد يديه إليه فيردهما صفرا) (صحيح الجامع/ 2070).
وعليكِ بالتقوى "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" [الطلاق: 2]، "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا" [الطلاق:4]، "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا" [الطلاق:5]، فالتقوى خير كلها.
وأخيراً.. لا يغرنَّكِ كثرة الهالكين، ولا قلَّة السالكين، "فلا تغبطن المترفين فإنهم، على قدر ما يعطيهم الدهر يسلب"، كما لا تقنطي من تأخر الزوج، فإنَّكِ لا تدرين أين يكون الخير، وفقك الله لكل خير، وصَرَف عنك كل شر، وأقر عينك بطمأنة نفسك، وبزوج صالح مصلح بار تقي نقي، والله أعلم، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
Comments
Post a Comment